الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر ***
كتاب الإعتاق ذكره عقيب الطلاق ; لأن كلا منهما إسقاط الحق وقدم الطلاق لمناسبة النكاح ثم الإسقاطات أنواع تختلف أسماؤها باختلاف أنواعها فإسقاط الحق عن الرق عتق وإسقاط الحق عن البضع طلاق وإسقاط ما في الذمة براءة وإسقاط الحق عن القصاص والجراحات عفو كما في الأقطع ( هو ) أي الإعتاق لغة : الإخراج عن الملك يقال أعتقه فعتق ويقال من باب فعل بالفتح يفعل بالكسر عتق العبد عتاقا , والعتق الخروج عن الملك فالعتق اللغوي حينئذ هو العتق الشرعي وهو الخروج عن المملوكية كما في البحر , لكن في الدرر وغيره : الإعتاق لغة إثبات القوة مطلقا وشرعا إثبات القوة الشرعية فتبعه المصنف فقال ( إثبات القوة الشرعية في المملوك ) لكن الأولى ما في البحر ; لأن أهل اللغة لم يقولوا عتق العبد إذا قوي وإنما قالوا عتق العبد إذا خرج عن المملوكية , وإنما ذكروا القوة في عتق الطير , ولئن سلم أن إثبات القوة ممكن لكن هذا التعريف يصدق على مذهبهما لا على مذهبه ; لأن عنده الإعتاق إثبات الفعل المفضي إلى حصول العتق فلهذا يتجزأ عنده لا عندهما , والعجب أن صاحب الدرر ذكر في باب عتق البعض أن هذا التعريف غير مسلم وفصل كل التفصيل تتبع , ثم العتق أربعة واجب إذا أعتقه عن كفارة لقوله تعالى باب عتق البعض أخره عن إعتاق الكل ; لأن إعتاق الكل أفضل وأكثر ثوابا أو ; لأنه أكثر وقوعا ( ومن أعتق بعض عبده ) سواء عين ذلك البعض بأن قال ربعك حر أو أبهمه بأن قال بعضك حر لكن لزمه بيانه ( صح ) إعتاقه في ذلك البعض خاصة عند الإمام ( وسعى ) العبد للمولى ( في باقيه ) وفي المنافع أي زال ملكه عن القدر , ولم يرد به حقيقة العتق عند الإمام وإنما أريد به ثبوت أثره وهو زوال الملك إليه أشير في المبسوط , فإن قيل إزالة الملك لا تسمى إعتاقا كالبيع والهبة أجيب بأنها تسمى بذلك باعتبار عاقبتها وترتب العتق عليها بطرقه ( وهو ) أي معتق البعض بقدر ما تعين في حق السعاية باختيارها المولى ( كالمكاتب ) ; لأن المستسعي عنده كالمكاتب في جميع الأحوال إلى أن يؤدي السعاية ; لأن زوال الملك عن البعض يقتضي ثبوت المالكية في كله إذ لا يتمكن من التصرف مع بقاء الملك في بعضه وبقاء الملك في البعض يمنع من المالكية فقلنا بالمالكية يدا لا رقبة عملا بالدليلين وهو حكم المكاتب , والسعاية كبدل الكتابة فله أن يستسعيه وله أن يعتقه إذ المكاتب محل الإعتاق ( إلا أنه لا يرد في الرق لو عجز ) بخلاف الكناية المقصودة ; لأن السبب ثمة عقد يحتمل الفسخ وهنا السبب إزالة الملك لا إلى أحد فلا يحتمل الفسخ ( وقالا يعتق كله ولا يسعى ) بناء على أن العتق لا يتجزأ بالاتفاق فكذا الإعتاق عندهما وهو قول الأئمة الثلاثة ; لأنه إثبات العتق كالكسر مع الانكسار فيلزم من عدم تجزؤ اللازم وهو العتق عدم تجزؤ ملزومه وهو الإعتاق , لكن الإمام يقول الإعتاق إزالة الملك ; لأنه ليس للمالك إلا إزالة حقه وهو الملك والملك متجزئ فكذا إزالته , فإعتاق البعض إثبات شطر العلة فلا يتحقق المعلول إلا أن يتحقق تمام العلة وهو إزالة الملك كله كما في أكثر المعتبرات . وقال الزيلعي وأصله أن الإعتاق يوجب زوال الملك عنده وهو متجزئ , وعندهما يوجب زوال الرق وهو غير متجزئ وأما نفس الإعتاق أو العتق لا يتجزأ بالإجماع ; لأنه ذات القول وهو العلة وحكمه وهو نزول الحرية فيه لا يتصور فيه التجزؤ وكذا الرق لا يتجزأ بالإجماع ; لأنه ضعف حكمي والحرية قوة حكمية فلا يتصور اجتماعهما في شخص واحد فإذا ثبت هذا فأبو حنيفة اعتبر جانب الرق فجعل كله رقيقا على ما كان وقد قال زال ملكه عن البعض الذي أعتقه ولم يكن ذلك البعض حرا وهما اعتبرا جانب الحرية فصار كله حرا . ( وإن أعتق شريك ) في عبد ( نصيبه منه ) كالنصف وغيره بلا إذن ( فللآخر ) أي للشريك الآخر ( أن يعتق أو يدبر أو يكاتب ) نصيبه إن شاء ; لأن الإعتاق متجزئ عند الإمام فنصيبه مملوك له ( أو يستسعي ) أي يطلب الآخر سعاية العبد في قيمة نصيبه يوم العتاق , ولو كان الآخر صبيا فإن كان له ولي أو وصي فالخيار له وإن لم يكن نصب القاضي له وصيا أو ينتظر بلوغه , ( والولاء لهما ) أي للمعتق وللآخر بقدر نصيبهما ; لأنهما المعتقان ( أو يضمن ) الشريك الآخر ( المعتق ) يوم العتق ; لأنه جنى على نصيبه بما منعه من التصرف فيه بما عدا العتاق وتوابعه , وفيه إشارة إلى أن الاعتبار في اليسار والإعسار ليوم العتاق فلو أيسر ثم أعسر لم يسقط الضمان بخلاف العكس ولو اختلفا في اليسار والإعسار يحكم الحال إلا أن يكون بين الخصومة , وللعتق مدة يختلف فيها الأحوال فالقول للمعتق ; لأنه منكر , ولو اختلفا في القيمة يوم العتق فإن كان قائما يقوم للحال وإن كان هالكا فالقول للمعتق ; لأنه منكر وإلى أنه له خيار الاستسعاء والتضمين , لكن لو اختار الاستسعاء لم يرجع إلى التضمين كما لو اختار التضمين لم يرجع إلى الاستسعاء , وعنه أنه يرجع إلا إذا حكم به حاكم كما في المحيط : وإلى أنه إذا اشترك بين جماعة جاز أن يعتق بعضهم نصيبه ويختار بعض الضمان وبعض الإعتاق وبعض السعاية وكذا إذا مات الساكت فلورثته إحدى الخيارات في ظاهر الرواية ; لأنهم قائمون مقام مورثهم وروى الحسن عن الإمام ليس لهم إلا الاجتماع ( لو ) كان ( موسرا ) مالكا مقدار نصيب الساكت من المال والغرض سوى ملبوسه ونفقة عياله وسكناه كما في التبيين والظاهر منه أنه لو لم يملك هذا المقدار لا يكون ضامنا بل إن شاء الآخر أعتق أو استسعى ولا يرجع العبد بما يؤدي بالإجماع ; لأنه أدى لفكاك رقبته . وعن أبي يوسف أنه يؤجر من رجل ولو صغيرا يعقل فأخذ من أجرته كما يؤجر المديون , وفي المختار ولو مات العبد قبل أن يختار الساكت شيئا ليس له إلا التضمين ولو مات المعتق يؤخذ الضمان من ماله إن كان العتق في الصحة وإن في المرض فلا شيء في تركته بل يسعى العبد عنده . وعن محمد يؤخذ من تركته وهو رواية عن أبي يوسف ( ويرجع به ) أي بما ضمنه ( المعتق على العبد ) لقيامه بأداء الضمان مقام الآخر وقد كان للآخر الاستسعاء ( والولاء ) كله ( له ) ; لأن العتق كله من جهته حيث ملكه بأداء الضمان ( وقالا ليس للآخر إلا الضمان مع اليسار والسعاية مع الإعسار ) وليس له السعاية غنيا ولا الإعتاق غنيا أو فقيرا إذ الإعتاق لا يتجزأ عندهما . باب العتق المبهم ( رجل له ثلاثة أعبد قال ) في صحته ( لاثنين عنده أحدكما حر فخرج أحدهما ) وثبت الآخر ( ودخل الآخر ) أي الثالث ( فأعاد القول ) أي قال أحدكما حر يؤمر بالبيان إن كان حيا كما أشار إليه بقوله ( ثم مات ) ( من غير بيان ) فإن بدأ ببيان الإيجاب الأول وقال عنيت به الثابت عتق وبطل الإيجاب الثاني ; لأنه بقي دائرا بين الحر والعبد في جواب ظاهر الرواية فإن قال عنيت به الخارج عتق بالثاني وقال ويؤمر ببيان الإيجاب الثاني لصحته لكونه دائرا بين العبدين , وإن بدأ بالثاني وقال عنيت به الثالث عتق الخارج بالإيجاب الأول ; لأن الإيجاب الأول دائر بينهما فإذا عتق الثابت بالإيجاب الثاني تعين الخارج بالأول , وإن قال عنيت به الداخل عتق ويؤمر ببيان الإيجاب الأول ( عتق ثلاثة أرباع الثابت ) عند المولى وسعى في ربعه ( ونصف الخارج ) بالإجماع . ( وكذا ) يعتق ( نصف الداخل ) عند الشيخين ; لأنه عتق نصف الثابت والخارج بالإيجاب الأول الدائر بينهما ونصف الداخل بالإيجاب الثاني الدائر بينه وبين الثابت , وعتق ربع الثابت به ; لأن النصف الذي أصاب الثابت شائع فما لاقى الحرية بطل وما لاقى الرق صح فيتنصف ذلك النصف فيعتق ربعه به ( وقال محمد ربعه ) أي الداخل ; لأن الإيجاب الثاني لما أوجب عتق الربع من الثابت أوجبه من الداخل ; لأنه متنصف بينهما وأجيب بأن في الثابت مانعا من عتق النصف به كما مر ولا مانع في الداخل فإن قيل يشكل هذا على أصلهما من عدم تجزؤ الإعتاق فالجواب أن عدم تجزئه إذا وقع في محل معلوم والانقسام هنا ضروري فيتجزأ بلا خلاف , لكن في الفتح والتسهيل كلام فليطالع . ( ولو قال ) هذا القول ( في مرضه ) الذي توفي فيه ومات قبل البيان وقيمة العبد متساوية , فإن كان له مال يخرج قدر العتق من الثلث وذلك رقبة وثلاثة أرباع رقبة عندهما , أو رقبة ونصف رقبة عنده أو لم يخرج ولكن أجازت الورثة فالجواب كما ذكرنا وإن لم يكن له مال سوى العبيد ( ولم يجز الوارث ) ذلك ( جعل ) عند الشيخين ( كل عبد سبعة كسهام العتق ) وبيانه أن حق الخارج في النصف وحق الثابت في ثلاثة الأرباع وحق الداخل عندهما في النصف أيضا فيحتاج إلى مخرج له نصف وربع وأقله أربعة فتعول إلى سبعة فحق الخارج والداخل في سهمين وحق الثابت في ثلاثة فبلغت سهام العتق سبعة والعتق في مرض الموت وصية ومحل نفاذها الثلث فلا بد أن يجعل سهام الورثة ضعف ذلك فيجعل كل رقبة على سبعة وسهام السعاية أربعة عشر . ( و ) حينئذ ( عتق من الثابت ثلاثة ) أسهم من الأسباع ( وسعى ) للورثة ( في أربعة ومن كل من الآخرين ) أي الخارج والداخل ( اثنان ) منها ( وسعى كل منهما ) للورثة ( في خمسة ) فيصير جميع المال واحدا وعشرين فيستقيم الثلث والثلثان ( وعند محمد يجعل كل عبد ستة كسهام العتق عنده ) ; لأن حق الداخل ربع فيجعل كل رقبة ستة وسهام السعاية اثني عشر ( و ) حينئذ ( يعتق من الثابت ثلاثة ) أسهم من الأسداس ( ويسعى في ثلاثة و ) يعتق ( من الخارج اثنان ) منها ( ويسعى في أربعة , و ) يعتق ( من الداخل واحد ) منها ( ويسعى في خمسة ) فيصير جميع المال ثمانية عشر فيستقيم الثلث والثلثان أيضا وعند الأئمة الثلاثة يقرع بينهم وفي كثير من المسائل يتمسكون بالقرعة أو يقوم الوارث مقامه في البيان وروي عن أحمد يقرع في الحياة والممات . ( ولو طلق كذلك قبل الدخول ) أي إن كانت له ثلاث زوجات مهرهن على السواء فطلقهن قبل الوطء على الصفة المذكورة ( ومات بلا بيان ) يوزع حكم الطلاق عليهن باعتبار الأحوال وهنا أحكام ثلاثة : المهر والميراث والعدة : أما حكم الميراث فللداخلة نصفه , والنصف بين الخارجة والثابتة نصفان , وعلى كل منهن عدة الوفاة احتياطا كما في الكافي أما حكم المهر فيقال ( سقط ثلاثة أثمان مهر الثابتة وربع مهر الخارجة وثمن مهر الداخلة بالاتفاق ) ; لأن بالإيجاب الأول سقط نصف مهر الواحدة منصفا بين الخارجة والثابتة فسقط ربع كل واحدة منهما ثم بالإيجاب الثاني سقط الربع منصفا بين الثابتة والداخلة فأصاب كل واحدة الثمن فسقط أثمان مهر الثابتة بالإيجابين وسقط ثمن مهر الداخلة , وإنما فرضت المسألة قبل الوطء ليكون الإيجاب الأول موجبا للبينونة فما أصابه الإيجاب الأول لا يبقى محلا للإيجاب الثاني فيصير في هذا المعنى كالعتق كما في أكثر المعتبرات لكن فيه كلام قرره يعقوب باشا في حاشيته فليطالع ( هو ) أي كونه بالاتفاق ( المختار ) قال صاحب الهداية هذا قول محمد خاصة وعندهما يسقط ربعه وقيل هو لهما أيضا , وعلى هذه الرواية الفرق لهما أن الكلام الأول إنما يعتبر تعليقا في حق الداخل في حكم يقبل التعليق وأما في حكم لا يقبله يكون تنجيزا في حقه أيضا فالبراءة من المهر لا تقبل التعليق فيكون تنجيزا بالنسبة إليه , فثبت التردد في الكلام الثاني بين الصحة وعدمه في حق فينتصف , بخلاف العتق فإنه يقبل التعليق فلا يكون الكلام الثاني مترددا في حقه فثبت كله والكلام الوافي في الكافي ( والبيع ) صحيحا أو فاسدا وإن لم يسلم البيع على الصحيح أو بشرط الخيار لأحدهما وكذا الإيصاء والإجارة والتزويج . باب ( الحلف بالعتق ) . الحلف بفتح اللام وبسكونها وبكسرها القسم , والمراد منه أن يجعل العتق جزاء على الحلف بأن يعلق العتق بشيء ( ومن قال إن دخلت الدار فكل مملوك ) عبدا أو أمة ( لي يومئذ حر ) أي يوم إذ دخلت ; لأن التنوين في يومئذ عوض عن الجملة المضافة إليها لفظة إذ ولفظ يوم ظرف لمملوك وكان التقدير كل من يكون في ملكي وقت الدخول حر كما في البحر . وفي القهستاني قيل مخالف لما مر أن اليوم مع فعل ممتد للنهار ولأنه لمطلق الوقت وفيه أن يومئذ مركب والمركب غير المفرد انتهى . لكن في الفتح تفصيل وحاصله أن لفظ إذ لم يذكر إلا تكثيرا للعوض عن الجملة المحذوفة أو عمادا له لكونه حرفا واحدا ساكنا تحسينا ولم يلاحظ معناها وهذا لو دخل ليلا عتق ما في ملكه ; لأنه أضيف إلى فعل لا يمتد وهو الدخول تدبر ( يعتق بدخوله ) أي الدار ( من ) هو ( في ملكه ) أي المعتق ( عند الدخول سواء كان في ملكه وقت الحلف ) واستمر إلى وقت الدخول ( أو تجدد بعده ) أي بعد الحلف ; لأن المعتبر قيام الملك وقت الدخول وهو حاصل فيهما . ( ولو لم يقل ) في يمينه ( يومئذ ) بل قال إن دخلت الدار فكل مملوك لي حر ( لا يعتق إلا من كان في ملكه وقت الحلف ) ; لأن الشرط اعترض على الجزاء وهو العتق فيقتضي تأخر الجزاء إلى وقت دخول الدار لا تأخر الملك , فيعتق من بقي على ملكه إلى زمان الدخول لا من ملكه بعده بخلاف الأولى ; لأنه زاد يومئذ فيها ولا يفيد تلك الزيادة إلا إذا انصرف يومئذ إلى ما يملكه في المستقبل ولا فرق بين كون العتق معلقا أو منجزا وسواء قدم الشرط أو أخره وسواء كان التعليق بإن أو بغيرها كإذا ما أو متى ما . ( وكذا ) لا يعتق ( لو قال كل مملوك لي ) أو قال كل ما أملكه ( حر بعد غد ) وله في الصورتين مملوك فاشترى آخر بعد الحلف ثم جاء بعد غد عتق الذي في ملكه يوم حلف لا الذي اشتراه بعده ; لأن قوله كل مملوك لي يتناول ما ملكه زمان صدور هذا الكلام منه وقوله أملكه للحال وانصرافه إلى الاستقبال بقرينة السين أو سوف , فكان الجزاء حرية المملوك في الحال مضافا إلى ما بعد الغد فلا يتناول ما يملكه بعد اليمين , ولو قال عنيت به ما استقبل ملكه عتق ملكه للحال وما استحدث الملك , كما إذا قال زينب طالق وله امرأة معروفة بهذا الاسم ثم قال لي امرأة أخرى عنيتها وطلقت المعروفة بظاهر اللفظ والمجهولة باعترافه كذا هاهنا كما في البحر ( والمملوك لا يتناول الحمل ) ; لأنه اسم لمملوك مطلق والجنين مملوك تبعا للأم ولأنه عضو من وجه والمملوك يتناول الأنفس لا الأعضاء ولهذا لا يملك بيعه منفردا ولا يجري عتقه عن الكفارة وفرع بقوله ( فلو قال كل مملوك لي ذكر حر وله ) أي للقائل ( أمة حامل فولدت ذكرا لأقل من نصف حول منذ حلف لا يعتق ) كما بيناه وقوله لأقل من نصف حول ليس قيدا احترازيا ; لأنه لا فرق بين أن تلده لأقل من ستة أشهر أو لأكثر بل لكون وجود الحمل وقت الحلف متيقنا . ( ولو ) قال كل مملوك لي حر و ( لم يقل ذكرا عتق ) الحمل ( تبعا لأمه ) ; لأن لفظ المملوك يتناول الذكور والإناث حتى لو قال نويت الذكور دون الإناث لم يصدق قضاء , وفي إطلاقه يشعر بأن يعتق الحمل تبعا لأمه مطلقا سواء ولدت لأقل من نصف حول أو لأكثر وليس كذلك بل القياس يقتضي عتق الحمل إذا ولدت لأقل من نصف حول لوجود الحمل وقت الحلف بيقين وإلا فلا ; لأنه لا يتيقن بوجود الحمل وقت الحلف على ذلك وقد تقدم أن قوله كل مملوك لي للحال . تتبع . باب ( العتق على جعل ) . هو بالضم ما يجعل للعامل على عمله والمراد منه هنا العتق على المال ( ومن أعتق ) بصيغة المجهول والنائب عن الفاعل ضمير من ( على مال ) نقد أو عرض أو حيوان ولو كان بغير عينه مكيل أو موزون معلوم الجنس , ويلزمه الوسط في تسمية الحيوان والثوب بعد بيان جنسهما , وإن لم يسم الجنس بأن قال : أنت حر على ثوب أو حيوان فقبل عتق ولزمه قيمة نفسه كما في البحر وعند الشافعي لا يعتق في المال المجهول ( أو به ) أي بذلك المال بأن قال أنت أو هو حر على ألف أو بألف ( فقبل ) العبد المال في المجلس حاضرا أو غائبا فإن كان حاضرا اعتبر مجلس الإيجاب وإن كان غائبا اعتبر مجلس علمه , وقيد بقوله قبل ; لأنه إن رد أو أعرض عن المجلس بالقيام أو بالاشتغال بما يعلم به قطع المجلس بطل ( عتق ) في الحال سواء أدى المال أو لا ; لأنه معاوضة المال بغير المال فشابه النكاح والطلاق . وفي البحر قال لعبده صم عني يوما أو صل عني ركعتين وأنت حر عتق وإن لم يصل ولم يصم , ولو قال حج عني وأنت حر لا يعتق حتى يحج ( والمال ) المشروط ( دين ) صحيح ( عليه تصح الكفالة به ) لكونه دينا على حر ( بخلاف بدل الكتابة ) حيث لم تصح الكفالة به ; لأنه ثبت مع المنافي وهو قيام الرق . ( وإن قال ) المولى له ( إن أديت إلي ألفا فأنت حر وإذا أديت ) بصيغة المجهول أو متى أديت إلي ألفا فأنت حر ( صار مأذونا ) بالكسب ( لا مكاتبا ) أي لا يصير مكاتبا ; لأنه صريح في تعليق العتق بالأداء فلا يتوقف على قبوله ولا يبطل برده , وللمولى بيعه قبل وجود شرطه ولو مات وترك مالا فهو للمولى ولا يؤدي عنه ويعتق , ولو مات المولى وفي يد العبد كسب كان لورثة المولى ويباع العبد ولو كانت أمة فولدت ثم أدت لم يعتق ولدها تبعا , بخلاف المكاتب , وإنما صار مأذونا ; لأن المولى رغبه في الإكساب لطلبه الأداء منه ومراده التجارة لا التكدي فكان إذنا له دلالة ( ويعتق ) العبد ( إن أدى ) المال كله بنفسه لأنه لو أمر غيره بالأداء فأدى لا يعتق بخلاف المكاتب كما في المحيط ( في المجلس ) لوجود المعلق به فلا يعتق ما لم يؤد في ذلك المجلس . وفي البدائع لو أدى مكان الدراهم دنانير لا يعتق بخلاف المكاتب ( أو خلى ) العبد ( بين المولى وبين المال ) بأن وضعه في موضع يتمكن المولى من أخذه ( فيه ) أي في المجلس ( في التعليق بإن ) ; لأن إن لمجرد التعليق وليس له أثر في الوقت فيتقيد بالمجلس خلافا لأبي يوسف . ( و ) يعتق ( متى أدى أو ) متى ( خلى ) بينه وبينه ( في التعليق بإذا ) فلا يتقيد بالمجلس ; لأن إذا للوقت كمتى فيعم الأوقات كما بين في موضعه ( ويجبر ) أي الحاكم ( المولى على القبض ) ومعنى الإجبار فيه تنزيل الحاكم أو المولى منزلة القابض بالتخلية , ويحكم بعتق العبد قبض أو لا , لا ما هو المفهوم من الإجبار عند الناس من الإكراه بالضرب وغيره . وقال زفر يعتق بالقبض فلا يجب على المولى القبول ولا يجبر عليه وهو القياس ( وإن أدى ) العبد ( البعض يجبر ) المولى ( على القبض أيضا ) اعتبارا للبعض بالكل . وقال بعض المشايخ إن أدى البعض لا يجبر على القبول , فعلى هذه الرواية إن أدى البعض بطريق التخلية لا ينزل المولى منزلة القابض لكن المختار أنه يكون قابضا ( إلا أنه لا يعتق ما لم يؤد الكل ) ; لأن شرط العتق أداء الكل ولم يوجد فلا يعتق ; لأنه لم يصر قابضا في حق البعض . وفي التبيين هذا إذا كان المال معلوما وإن كان مجهولا بأن قال إن أديت إلي درهما فأنت حر لا يجبر على قبول المال ; لأن مثل هذه الجهالة لا تكون في المعاوضة فيكون يمينا محضا ولا جبر فيها ( كما لو حط عنه البعض ) بطلبه ( فأدى ) العبد ( الباقي ) وكذا إذا حط الجميع لم يعتق لانتفاء الشرط بخلاف المكاتب ( ثم إن أدى ) العبد ( ألفا كسبها ) أي العبد ( قبل التعليق رجع المولى عليه بمثلها ) ; لأن ما كسبه قبله مال استحقه المولى ( ويعتق ) لوجود شرط العتق وهو مطلق الألف كما لو غصب ألف إنسان فأدى عتق , ثم يرجع المغصوب منه عليه . ( وإن ) أدى العبد ألفا ( كسبها ) أي العبد الألف ( بعده ) أي بعد التعليق ( لا يرجع ) المولى عليه ; لأنه مأذون من جهته بالأداء منه لكنه يأخذ الباقي ; لأن مال المأذون في التجارة للمولى . وفي البحر إن أديت إلي ألفا في كيس أبيض فأداها في أسود لا يعتق , ولو قال إذا أديت إلي ألفا هذا الشهر فأنت حر وأداها في غيره لم يعتق , وفي المكاتب لا يبطل إلا بالحكم أو التراضي . باب ( التدبير ) . هو تعليق العتق بمطلق موته كما في الكنز وغيره . وفي البحر فخرج بقيد الإطلاق التدبير المقيد كعتقه بموت موصوف بصفة , وكذا التعليق بموته وموت غيره فخرج أيضا أنت حر بعد موتي بيوم أو شهر فهو وصية بالإعتاق فلا يعتق بعد عتق المولى إلا بإعتاق الوارث أو الوصي وخرج بموته تعليقه بموت غيره كقوله إن مات فلان فأنت حر فإنه لا يصير مدبرا أصلا لا مطلقا ولا مقيدا فإذا مات فلان عتق من غير شيء انتهى . فبهذا ظهر أن ما قاله صاحب الدرر من أنه هو تعليق المولى عتق مملوكه بالموت سواء كان موته أو موت غيره مخالفا تأمل . وهو نوعان مطلق ومقيد فأشار إلى الأول بقوله ( المدبر المطلق من قال له مولاه إذا مت فأنت حر أو أنت حر عن دبر مني أو ) أنت حر ( يوم أموت ) ; لأن اليوم إذا قرن بفعل لا يمتد يراد به مطلق الوقت فيكون مدبرا مطلقا , ولو نوى باليوم النهار دون الليل صحت نيته ; لأنه نوى حقيقة كلامه فلا يكون مدبرا مطلقا لاحتمال أن يموت بالليل وإنما هو مقيد فيعتق بموته نهارا , وله بيعه ( أو مع موتي ) ; لأن اقتران الشيء بالشيء يقتضي وجوده معه ( أو عند موتي أو في موتي ) فإنه تعليق العتق بالموت ولا بد من وجوده أولا , وفي تستعار بمعنى حرف الشرط كما عرف في الأصول , وقول الزيلعي تبعا للمحيط أن حرف الظرف إذا دخل على الفعل يصير شرطا تسامح وتمامه في المنح والحدث كالموت فلو قال إن حدث لي حادث فأنت حر فهو مدبر وكذا إذا ذكر مكان الموت أو الوفاة أو الهلاك ; لأن المعنى واحد ( أو ) أنت مدبر أو قد دبرتك ( أو إن مت إلى مائة سنة ) أي إن مت من هذا الوقت إلى مائة سنة ( وغلب موته فيها ) بأن يكون ابن ثمانين سنة مثلا فإنه في الصورة مقيد وفي المعنى مطلق ; لأن الغالب أن يموت في هذه المدة ; لأن التعليق بما لا يعيش إليه المولى في الغالب كالتعليق بنفس موته وهو المختار خلافا لأبي يوسف ( أو ) قال ( أوصيت لك بنفسك أو ) قال أوصيت لك ( برقبتك ) ; لأن العبد لا يملك رقبة نفسه والوصية تقتضي زوال ملك الموصي وانتقاله إلى الموصى له وأنه في العبد حرية مثل قوله بعت نفسك منك أو وهبتها لك ( أو ) قال أوصيت لك ( بثلث مالي ) ; لأنه يقتضي ملكه ثلث جميع ماله , ورقبته من ماله فيملكها فيعتق , وكذلك بسهم من ماله ; لأنه عبارة عن السدس ولو قال بجزئه من ماله لا يكون تدبيرا ; لأنه عبارة عن جزء مبهم والتعيين إلى الورثة فلا يكون رقبته داخلة في الوصية لا محالة كما في الاختيار ( فلا يجوز إخراجه عن ملكه ) بطريق من الطرق ( إلا بالعتق ) والكتابة فلا يباع ولا يوهب ولا يرهن ولا يورث ولا يجعل بدل الصلح إلا عند الشافعي فإن عنده يجوز بيعه وغيره من التصرفات التمليكية كالمدبر المقيد ( ويجوز استخدامه وكتابته وإيجازه والأمة ) التي جعلت مدبرة ( توطأ وتزوج ) أي يجوز للمولى ذلك ويجوز أن يزوجها جبرا عليها وكذا المدبر كما في البحر . وفي , التنوير والمولى أحق بكسبه من وارثه وبمهر المدبرة ; لأنه من الاكتساب ( وإذا مات سيده ) أي سيد المدبر ( عتق ) المدبر ( من ثلث ماله ) إن خرج من الثلث . ( وإن لم يخرج ) العبد ( من الثلث فحسابه ) أي بحسب ثلث ماله فيعتق بقدره ويسعى في باقيه ( وإن لم يترك ) السيد ( غيره ) أي غير المدبر من المال ( سعى في ثلثيه ) هذا إذا كان للسيد وارث ولم يجزه وإن لم يكن له وارث أو كان لكنه أجازه يعتق كله ; لأنه في حكم الوصية فيقدم على بيت المال ويجوز بإجازة الوارث , ولكونه وصية لو قتله المدبر فإنه ( يسعى في جميع قيمته ) ; لأنه لا وصية للقاتل , وأم الولد إذا قتلت مولاها تعتق ولا شيء عليها إن خطأ كما في شرح الطحاوي . ( وإن استغرقه ) أي المدبر ( دين المولى سعى في كل قيمته ) ; لأنه لا يمكن نقض العتق فيجب رد قيمته , والمراد من القيمة هنا القيمة مدبرا كما في أكثر المعتبرات , قيد بكون الدين مستغرقا ; لأن الدين لو كان أقل من قيمته فإنه يسعى في قدر الدين , والزيادة على الدين ثلثها وصية أو يسعى في ثلثي الزيادة كما في شرح الطحاوي . باب ( الاستيلاد ) . هو لغة طلب الولد مطلقا وأم الولد تصدق لغة على الزوجة وغيرها ممن لها ولد ثابت النسب وغير ثابت , وشرعا طلب المولى الولد من أمته وأم الولد المستولدة , وهما من الأسماء التي خرج بهما في الشرع من العموم إلى الخصوص ( لا يثبت نسب ولد الأمة ) في أول مرة ( من مولاها ) المعترف بوطئها ( إلا أن يدعيه ) أي الولد , ولو اعترف بالحمل بأن يقول حمل هذه الأمة مني أو هي حبلى مني أو ما في بطنها من ولد فهو مني أو قال إن كانت حبلى فهو مني , فإن جاءت به لأقل من ستة أشهر ثبت نسبه منه ولا فرق بين حياته ومماته بعد ما استبان خلقه , وإن جاءت به لأكثر لم يثبت إلا باعترافه ولا يقبل بعده إنها لم تكن حاملا وإنما كان ريحا ولو صدقته الأمة بخلاف ما إذا قال ما في بطنها مني ولم يقل من حمل أو ولد ثم قال بعده كان ريحا وصدقته لم تصر أم ولد كما في البحر , وعند الأئمة الثلاثة يثبت نسبه إذا أقر بوطئها وإن عزل عنها إلا أن يدعي أنه استبرأها بعد الوطء بحيضة ; لأنه لما ثبت النسب بعقد النكاح فلأن يثبت بالوطء أولى , ولنا أن وطء الأمة يقصد به قضاء الشهوة دون الولد لوجود المانع منه وهو ذهاب تقومها به عند الإمام ونقصان قيمتها عندهما فلا بد من الدعوة بخلاف العقد فإن الولد مقصود منه فلا حاجة إلى الدعوة . وفي البحر معزيا إلى المحيط عن الإمام إذا عالج الرجل جاريته فيما دون الفرج فأخذت الجارية ماءه في شيء فاستدخلته فرجها في حدثان ذلك فعلقت الجارية وولدت فالولد ولده والجارية أم ولد له انتهى . هذا ليس على الإطلاق بل إذا ولدت بعدما ادعى المولى مرة وإلا لم يثبت النسب بلا دعوة تأمل ( وإذا ثبت ) نسبه منه بدعوة ( صارت ) الأمة ( أم ولد ) له ( ولا يجوز إخراجها عن ملكه ) بطريق من الطرق فلا يجوز بيعها ولا هبتها ولا تمليكها حتى لو قضى القاضي بجواز بيعها لا ينفذ وهو أظهر الروايات ( إلا بالعتق ) فإذا أعتقها في حال حياته تعتق ; لأن الملك قائم فيها ( وله ) أي للمولى ( وطؤها واستخدامها وإجارتها وتزويجها وكتابتها ) لبقاء ملكه وولاية هذه التصرفات تستفاد به , فلهذا إن الكسب والغلة والعقر والمهر للمولى . وفي البحر ولو زوجها فولدت لأقل من ستة أشهر فهو للمولى والنكاح فاسد , وإن ولدت لأكثر فهو ولد الزوج وإن ادعاه المولى لكن يعتق عليه لإقراره بحريته وإن لم يثبت نسبه ( وتعتق بعد موته ) أي موت السيد ( من جميع ماله ولا تسعى ) أي أم الولد ( لدينه ) للغريم شيء ; لأن الحاجة إلى الولد أصلية فتقدم في حق الغرماء والورثة بخلاف التدبير فإنه وصية بما هو من زوائد الحوائج هذا إذا أقر في الصحة , أما لو قال لأمته في مرضه ولدت مني فإن كان هناك ولد أو حبل تعتق من جميع المال وإلا فمن الثلث كما في المحيط ( ويثبت نسب ولدها بعد ذلك ) أي بعدما ادعى المولى مرة ( بلا دعوة ) بكسر الدال ; لأنه بدعوى الأول تعين الولد مقصودا منها فصارت فراشا له كالمنكوحة ولهذا لزمها العدة بثلاث حيض بعد العتق , هذا إذا لم تحرم عليه , أما إذا حرمت عليه بوطء أمها ونحوه فجاءت بولد لأكثر من ستة أشهر لم يثبت إلا بالدعوة لانقطاع الفراش . ( وإن نفاه ) بعدما اعترف بالأول ( انتفى ) ; لأن فراشها ضعيف يملك نقله بالتزويج بخلاف المنكوحة حيث لا ينتفي نسب ولدها إلا باللعان لتأكد الفراش , واستثنى صاحب التنوير فقال : إلا إذا قضى به قاض أو تطاول الزمان فلا ينتفي بنفيه واعلم أن الفراش إما ضعيف وهي الأمة أو متوسط وهي أم الولد أو قوي وهي المنكوحة وقد مر حكمها أو أقوى وهي المعتدة فيثبت نسب ولدها ولا ينتفي أصلا لعدم اللعان . ( ولو استولدها بنكاح ) أي لو تزوج أمة غيره فولدت له ( ثم ملكها ) بشراء أو غيره ( فهي أم ولد له وكذا ) تصير أم ولد له ( لو استولدها بملك ثم استحقت ثم ملكها ) ; لأن نسب الولد ثابت منه في الصورتين فثبتت أمومية الولد ; لأنها تتبعه , وعند الأئمة الثلاثة لا تصير الأمة أم ولد له إذا ملكها زوجها بعدما ولدت منه ; لأنها علقت منه برقيق فلا تكون أم ولد له ( بخلاف ما لو استولدها بزنا ثم ملكها ) حيث لا تصير أم ولد إجماعا ; لأن نسب الولد غير ثابت منه .
|